منتديات السواعدة jo
اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نتمنى ان تكون في كامل الصحة والعافية
منتديات السواعدة jo
اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نتمنى ان تكون في كامل الصحة والعافية
منتديات السواعدة jo
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات السواعدة jo

اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نرجو ان تتمتع في منتدانا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سلسلة الرد على المستشرقين دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة إعداد د. محمد السواعده

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 20/03/2012
العمر : 29

سلسلة الرد على المستشرقين  دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة  إعداد د. محمد السواعده Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة الرد على المستشرقين دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة إعداد د. محمد السواعده   سلسلة الرد على المستشرقين  دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة  إعداد د. محمد السواعده Emptyالثلاثاء فبراير 05, 2013 9:55 pm


شبهات حول علوم تتعلق بجمع القرآن

تكفل الفصل السابق بعرض موقف نولدكه من وقائع جمع القرآن وتاريخه ثم نقده، وسيعالج هذا الفصل بالعرض والنقد -أيضاً- بعض علوم القرآن والأنواع الأخرى من المسائل المتعلقة بجمعه؛ مما أثاره المؤلف، وقد جاء في المباحث الآتية:
المبحث الأول: ترتيب القرآن والحروف المقطعة عند نولدكه:
لهذا المبحث علاقة وطيدة بموضوع جمع القرآن الكريم وتدوينه، فمن ناحية ترتيب الآيات والسور فإن أحد أهم أعمال الجمّاع هو: وضعه على نسق معين، وبالتالي اتباع أسلوب خاص في تقديم بعض الآيات والسور أو تأخيرها، بل إن: "ترتيب القرآن الكريم في آياته وسوره يعد من العناصر الأساسية في جمعه؛ إذ لا بد أن يكون الجمع على ترتيب معين"( )، ومن هنا جاءت صلته وثيقة بمسائل جمع القرآن.
وأما الحروف المقطعة ففضلاً عن كونها من المواضع التي اتهم فيها كتّاب الوحي بإضافتها للقرآن؛ فقد تأكد اتصالها بالجمع من جهة رأي نولدكه فيها؛ الذي انتهى من دراسته لها على أنها كانت رموزاً على أسماء أصحاب المصاحف، لكنها اعتبرت بطريق الخطأ قرآناً، ثم أضيفت فيما بعد إلى المصحف.
وعلى كل فستناقش الدراسة كلا من النوعين من خلال المطالب الآتية:

المطلب الأول: دعوى نولدكه حول ترتيب القرآن الكريم:
لا بد من الإشارة إلى أن معرفة كون القرآن الكريم لم يرتب وفق معطيات المضمون أو النزول لا يحتاج من المثقف المبتدئ إلى كثير عناء أو كبير ذكاء؛ لذا لا نلتفت إليه طويلاً( ).
بالإضافة إلى أنه لا يخفى على أهل الشأن أن لا أثر لتاريخ النُّزُول في ترتيب الآيات في سورها، أو السور في القرآن، فَثَمَّة اعتبارات أخرى مصدرها الوحي كانت وراء هذا الترتيب المعجز.
ولا أثر -أيضاً- لتاريخ النُّزُول في الكشف الضروري عن معاني الآيات القرآنية، وعندئذٍ يتضح لنا سبب عدم ورود شيء عن الرسول ه في شأن تحديد زمن نزُول الآيات أو السور.
وكذلك كون الرسول ه: "لم يهتم بترتيب السور ترتيباً محكماً بحسب زمن تأليفها أو مضمونها"( ) كما زعم المستشرق.
فعلى الرغم من أن مقصود نولدكه يتعدى ظاهر العبارة؛ لأنه يطمع منها للوصول إلى أن النبي هلم يولِ القرآن عناية تذكر، وقد قام الباحث بنقد هذه الفرية والتصدي لها في المبحث الأول من الفصل السابق مما يغني عن إعادتها ثانياً.
أقول: على الرغم من ذلك فسأحمل كلامه على معنى: عدم اهتمام النبي ه بترتيب القرآن حسب النزول أو المضمون ليس إلا، لكن بشرط: الاستغناء –أيضاً- عن عبارة (ترتيباً محكماً)؛ لما تضفيه من معاني لا تتفق والحقيقة التاريخية، ثم أوافقه بعد ذلك على مجمل سائر عبارته السابقة.
فقد نقل السيوطي عن القاضي أبي بكر في الانتصار قوله: "إنما يرجع في معرفة المكي والمدني على حفظ الصحابة والتابعين، ولم يرد عن النبي ه في ذلك قول؛ لأنه لم يؤمر به، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة..."( ).
لذا ينبغي التفريق بين أمرين متصلين من جهة الاسم فحسب، وهو: (ترتيب القرآن)، وما عدا ذلك فهما أمران مختلفان تماماً، فالترتيب حسب النزول، ويقال له -أيضاً-: الترتيب الزماني للقرآن هو المقصود هنا، وليس الترتيب المصحفي الذي ألفت لأجله المصنفات والموسوعات بحثاً عن مقاصده وحكمه( ).
وإذا كان بعض العلماء الأقدمين قد ذكروا طرفاً مما يخص تاريخ نزول الآيات والسور؛ فإنهم إنما طرحوه من باب الرواية للتاريخ، لا لابتداع أسلوب جديد في شكل القرآن وصيغته.
وحتى الذين قاموا بهذا العمل من علماء المسلمين لم يستندوا على دليل واضح، فعبد الرحمن بدوي -مثلاً- لما ذكر قائمتي الزهري وعمر بن عبد الكافي w، قال: "ولكن القائمتين لم تشرحا لنا على أي أساس استندتا في هذا الترتيب التاريخي"( ).
ولما حاول المستشرقون أن يستخدموه لأغراضهم أخفقوا أيما إخفاق، ولا يناقض ذلك اهتمام علماء المسلمين بعلم المكي والمدني، وعلم أسباب النزول، فإن العلم بهما مما يساعد على فهم القرآن الكريم، ومن أجل معرفة الناسخ والمنسوخ، ولم يكن الغرض منهما: صناعة ترتيب جديد للقرآن على أساس زمني( ).
أما الترتيب الثاني: وهو الترتيب المصحفي، أي: ترتيب السور وفق ما هي عليه الآن، وهو المجال الخصب، الذي نال حظاً وفيراً من جهد علماء الأمة واهتمامهم، وهو الذي حظي بالنقل المتواتر عمن شهدوا التنزيل، وفي ضوء ذلك ينبغي فهم كل ما قيل بهذا الخصوص من قبل العلماء -قديماً وحديثاً-؛ كقول شيخنا الدكتور فضل عباس الآتي: "لقد شغلت هذه القضية علماء المسلمين ابتداء من عصر الصحابة ي، ولا عجب في ذلك أن يخصوها بجهد عظيم وبحث جاد؛ لأنها تتصل اتصالاً مباشراً بأقدس كتاب حرص المسلمون أن يدفعوا عنه كل شبهة"( ).
فالذي خصه علماؤنا بجهد عظيم هو القسم الثاني منهما، فاستخرجوا حكمه وأحكامه، وألفوا فيه الكتب والمجامع، لأنه من لدن حكيم خبير.
لذا يقف المنصف على مدى التجني والسفه المركب الذي حدا بنولدكه أن يسارع إلى استبعاد أن يكون علي أو أحدٌ من الصحابة قد قام بعمل علمي تاريخي في ترتيب السور حسب النزول؛ فيقول: "..كما لا ننتظر من أي من أصحاب النبي أن يكون قام بهذا العمل العلمي التاريخي"( )، فالواجب فهمه إزاء ذلك هو أن العمل العلمي يتمثل في ترك ما لا دخل لك فيه لمن هو أدرى وأعلم، فالصحابة هم أهل الدار وهم أدرى بما في الدار، ولو فيه خير لما تركوه أبداً.
وبعد أن استبعد نولدكه جميع احتمالات سبب ترتيب القرآن الكريم على ما هو عليه، جزم أخيراً بأن العامل الذي حدا بالجامعين أن يتبعوا هذا الترتيب، هو: طول السور وقصرها؛ فقال: "بحسب هذه الظروف لا يتبقى إلا التفكير بالترتيب الآلي للسور بحسب طولها، وقد سبق لعلماء مسلمين بان نصحوا بهذا المبدأ، (جمع عثمان القرآن وألفه، وصير الطوال مع الطوال، والقصار مع القصار من السور)"( ).
الرّد:
وللجواب على ذلك أقول: على الرغم من هذا الجزم من قبل نولدكه يبدو أنه غير مقتنع تماماً بهذا الرأي، ولعله أراد أن يحيل القارئ الغربي على رأي مهما كان نوعه؛ حتى لو نبع ذلك من جموح صبياني كما أقرّ هو نفسه بذلك( )! فقد أعدّ لائحة مقارنة اشتملت على ترتيب السور في القرآن الكريم، وقابلها بعدد الآيات وطول السور، والترتيب المثالي الذي يوافق طول السور المتناقص، ليطالعنا بعد جهد جهيد بقوله: "كما يظهر من هذه اللائحة يختلف الترتيبان عن بعضهما البعض اختلافاً كبيراً، فلا توجد إلا ست سور في مكانها الصحيح فقط.. -ثم يذكرها ويتابع قوله-: وهذا يدفع بالمرء أن يتساءل متعجباً عن سبب عدم اتّباع الترتيب بشكل كامل، رغم أن ذلك كان ممكناً من دون عراقيل تذكر!"( ).
والحق أنه لا داعي للعجب، لأن عامة المستشرقين يتناسون عن عمد حقيقة الترتيب التوقيفي للقرآن، فأي نظرة إحصائية عاجلة إلى أطوال السور، ستكشف
-قطعاً- خطأ هذا التقدير القائل بعدم التوقيف، بل ستسفر عن ضربٍ من الأحكام التي تطلق جزافاً في دراسة القرآن الكريم ودون اقتناع قائليه به.
فترتيب السور -إذن- ليس للطول والقصر فيه شأن، بل جاء بتعليم منه ه؛ لذا فهو سر من أسرار إعجاز القرآن، لأن تنسيقه على هذا النحو له دلالات موضوعية ولفظية تنبئ عن حكمة إلهية عظيمة( ).
أما قوله: "وقد سبق لعلماء مسلمين بأن نصحوا بهذا المبدأ، (جمع عثمان القرآن وألفه، وصير الطوال مع الطوال، والقصار مع القصار من السور)"( ).
الرّد:
فالجواب عليه: أنه لم يدل عليه دليل، فمن هم هؤلاء العلماء (الذين نصحوا) أولاً؟
ولِم أجهد المؤلف نفسه ونبش عن خبر يتيم وقول وحيد ليس له أصل، وحاول أن يسعف به نفسه من كتاب «تاريخ اليعقوبي» ثانياً؟
حتى وإن صح هذا الخبر؛ فإنه لا يعني ما ذهب إليه من أن الترتيب أسند إلى الناس، بل غاية ما يفيده: أن شكل مصحف عثمان بعد أن نسخه زيد ومن معه ا لم يخالف ما هو معهود من قبل، فالطوال مع الطوال والقصار مع القصار.
ومما يؤكد عدم اقتناع المؤلف برأيه -غير ما تقدم-: أنه ينعت هدف ترتيب سور القرآن الكريم بهذا الشكل بالغموض؛ فيقول: "إن القصد الذي كان وراء هذا الترتيب ليس واضحاً"( )، إذن كيف قطع برأي لم يثق هو به؟
لكن الأدهى من هذا: محاولته لفت نظر القارئ -كعادته- لصرفه عن اكتشاف مواطن الخلل في آرائه الشخصية، وذلك من خلال الهجوم المستمر على أمور جانبية لا تعلق لها بالشأن، كقوله: "كما يجب إقصاء مبدأ الترتيب الزمني، فهو لا يتعارض وروح ذلك العصر القديم وحسب، كما سبق التنويه به أثناء معالجة نسخ القرآن التي سبقت مصحف عثمان، بل كان -أيضاً- مستحيل التنفيذ لأسباب تتعلق بحفظ النسخ الموجودة.
فالقطع المختلفة اختلط بعضها ببعض اختلاطاً تامّاً على الأرجح أثناء الجمع الأول الذي قام به زيد، ما عدا المواضع التي سبق لمحمد أن أضافها إلى مواضع أقدم عهداً.
لهذا السبب استطاع عكرمة أن يجيب على سؤال محمد بن سيرين عما إذا كان القرآن قد رتب بحسب زمان نزول آياته، بقوله أن ذلك كان مستحيلاً، حتى ولو اشترك البشر والجن في هذا العمل"( ).
الرّد:
وللرد على المستشرق أسأله: ما ضرورة التعرض لروح ذلك العصر أولاً؟ وثانياً: ليته استنار بنصيحة عكرمة؛ إذن لأراح واستراح!
لقد اتضح جليّاً لكل ذي بصيرة أنه ليس هناك اختلاط للنسخ، بل تم جمعها بتمييز ودقة وإحكام، ومنحت من العناية والرعاية ما ضمن لها الغاية في الضبط والإتقان، وأمن لها السلامة التامة من الخلط أو اللبس أو النسيان.
على أن أغلب أحكام نولدكه السابقة من باب الافتراض، ولعل موضوع ترتيب الآيات والسور وما تعلق بهما يعدّ أبرز مجال قرآني مارس فيه المستشرقون عامة، ونولدكه خاصة، ما يعرف بالمنهج الافتراضي، ويهدفون من خلاله إلى تصديق ما هو أقرب إلى الكذب.
ويكفي للرد عليه أنه إذا كانت بعض السور قد تباعدت فترة نزولها فما هو إلا دليل صريح على أن ما جاء في المصحف من ترتيب للآيات على غير الترتيب التنْزيلي إنما هو من عند الله العليم الخبير.
بيد أن ما تجدر الإشارة إليه هنا: استلهام نولدكه لروح الجهالة المطبقة التي رزحت تحتها أوروبا حيناً من الدهر، تماماً كما نعتت زيغريد أوروبا في القرون الوسطى بقولها: "ومن هنا فقط يتضح لنا تماماً لماذا احتاجت الحضارة في الغرب ألفاً من السنين قبل أن تبدأ في الازدهار تدريجيّاً...
وما قاله هيجل عن بوم منيرفا -الذي لا يبدأ طيرانه إلا عند الغسق- ينطبق على التراث اليوناني السائر إلى الوراء حينذاك، وعلى علوم الغرب التي ظلت في دور الحضانة ألفاً من السنين، وهو لا ينطبق على التطور العربي؛ ذلك لأن العلوم عندهم لم تكن قط ثمرة متأخرة لشجرة الحضارة"( ).
لذا نجد المؤلف يتوهم أن العرب في تلك القرون قد أصابهم داء أوروبا الفتاك؛ فيقول: "كما يجب إقصاء مبدأ الترتيب الزمني، فهو لا يتعارض وروح ذلك العصر القديم وحسب..."( ).
لكن لا أخاله يجهل حضارة العرب المضيئة آنذاك، وأغلب الظن أنه يتجاهلها.
ثم يقول: "ويحرم اللاحقون اعتماد التسلسل الزمني في ترتيب القرآن معتبرين هذا الرأي بدعة"( ).
ويرى أن القول بترتيب آيات القرآن وسوره التوقيفي اعتقاد خرافي، كما أنه يردّ خبر أن الرسول ه حدد موضع كل آية، يقول: "أما الرواية القائلة بأن محمداً حدد لكل آية فوراً بعد نزولها مكانها المحدد؛ فلا تتمتع بسند تاريخي، حتى لو كان قد قام أحياناً ببعض الإضافات إلى سور معينة.
هذه الرواية نشأت بالأحرى عن الاعتقاد الخرافي بأن الترتيب الحالي للقرآن لآياته وسوره على حد سواء إنما هو ترتيب ذو أصل سماوي فعلاً، وأن محمداً نفسه قد نسخه بدقة"( ).
الرّد:
ولإجابة نولدكه على ما أثاره هنا سأجمل موقف العلماء من مسألة ترتيب الآيات والسور بما يسمح به المجال؛ فأقول:
1- أما ترتيب آيات القرآن الكريم فأمر توقيفي، بمعنى: أنه وصلنا كما رتَّبه رسول الله ه بناء على توجيه جبريل ؛، وهذا جانب مجمع عليه لم يختلف فيه أحد من الأئمة، وحكي الإجماع على ذلك عن جماعة منهم: الزركشي( ) في كتابه «البرهان»، وأبو جعفر( ) في كتابه «المناسبات»، ويستدل لذلك بما رواه البخاري عن ابْنُ الزُّبَيْرِ قال: "قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭼ، قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! لَا أُغَيِّرُ شَيْئاً مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ"( ).
2- وأما ترتيب السور ففيه للعلماء ثلاثة آراء:
الرأي الأول: إنه توقيفي بأمر الله @، ولا يخضع لاجتهاد أحد.
الرأي الثاني: إنه باجتهاد الصحابة ي، لكنهم أجمعوا على هذا الترتيب.
الرأي الثالث: إن بعض السور كان ترتيبها توقيفيّاً، وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة ي.
وستتناول الدراسة -بعد قليل- بعض أدلة الرأي الأول.
أما الراي الثاني وهو القائل بأن ترتيب السور قد تم باجتهاد الصحابة ي، لكنهم أجمعوا على هذا الترتيب؛ فأشهر أدلة من قال به ما يلي:
أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب السور قبل أن يجمع القرآن في عهد عثمان ا.
وما روي من أن عثمان ا هو الذي قرن سورة التوبة بسورة الأنفال دون كتابة البسملة بينهما، وذلك لتشابه قصتهما، مع أن الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وبراءة من أواخر ما نزل بها، ولهذا رتبت ترتيباً واحداً؛ فهو ضعيف( ).
أما الرأي الثالث القائل بأن بعض السور كان ترتيبها توقيفيّاً، وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة؛ فهو الذي مال إليه فطاحل العلماء؛ كما قال الزرقاني واستصوبه( ).
ويبدو أن المستشرقين اعتمدوا على هذا الرأي كثيراً في قولهم بالترتيب الوضعي للقرآن، لكن جمهور العلماء تعقبوه بالتضعيف والتأويل، حتى غدا رأياً ضعيفاً غير ذي شأن( ).
والذي يرجحه الباحث هو الرأي الأول؛ من كون ترتيب السور توقيفيّاً، لا دخل لأحد من البشر بتقديم سورة منه أو تأخيرها، وسأتناول بعض أدلة ذلك بشيء من التوسع فيما يلي:
1- أن الصحابة ي أجمعوا على ترتيب المصحف الذي كتب في عهد
عثمان ا، ولم يُخالف منهم أحد، وإجماعهم لا يتم إلا إذا كان الترتيب الذي أجمعوا عليه عن توقيف؛ لأنه لو كان عن اجتهاد لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة بِمخالفتهم، ولكنهم عدلوا عن مصاحفهم وأحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان ا وترتيبه جميعاً( ).
2- هناك آثار وأقوال للعلماء تؤيد ذلك، منها: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ كان يَقُولُ فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطه وَالأَنْبِيَاءِ): "إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي"( )، فذكرها نسقاً كما استقر ترتيبها، ولو كان الأمر اجتهاداً لوقعت منه على غير هذا الترتيب المعلوم؛ فلما رتبها على ترتيب المصحف علم أنها هكذا في المصحف ليس باجتهاد أحد.
قال أبو جعفر بن النحاس( ): "المختار: أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله ه لحديث واثلة: أن النبي ه قال: «أعطيت مكان التوراة السبع، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل»"( ).
وجه الدلالة: أنه ه ذكر ما أعطي من القرآن في مقابل التوراة والزبور والإنجيل نسقاً كما وجدت في المصحف، فعلم أنها هكذا رتبت وليس باجتهاد أحد.
وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي ه، وأنه من ذلك الوقت( ).
قال ابن حجر: "ومِمَّا يدل على أن ترتيب المصحف كان توقيفيّاً: ما روي عَنْ أَوْسِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ أَتَوُا النَّبِيَّ ه أَسْلَمُوا مِنْ ثَقِيفٍ… الحديث، وفيه: قُلْنَا مَا أَمْكَثَكَ عَنَّا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ القرآن فَأَرَدْتُ أَنْ لا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَه»، قَالَ: فَسَأَلْنَا أَصْحَابَ رسول الله ه حِينَ أَصْبَحْنَا، قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ تُحَزِّبُونَ القرآن؟ قَالُوا: نُحَزِّبُهُ ثَلاَثَ سُوَرٍ، وَخَمْسَ سُوَرٍ، وَسَبْعَ سُوَرٍ، وَتِسْعَ سُوَرٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً، وَثَلاَثَ عَشْرَةَ سُورَةً، وَحِزْبَ المُفَصَّلِ مِنْ قَافْ حَتَّى يُخْتَمَ.
قلت: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو عليه في المصحف الآن كان في عهد النبي ه"( ).
وقال أبو بكر بن الأنباريSad ) "أنزل القرآن كله إلى سماء الدنيا، ثم فرِّق في بضعٍ وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جواباً لمستخبر، ويقف جبريلُ النبيَّ ه على موضع السورة والآية، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف، كله عن النبي ه، فمن قَدَّم سورة أو أخَّرَها؛ فقد أفسد نظم الآيات"( ).
قال السيوطي: "ومِمَّا يدل على أنه توقيفي: كون الحواميم رتبت ولاءً، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاءً، بل فصل بين سورها، وفصل بين (طسم) الشعراء، و(طسم) القصص بـ (طس) مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديّاً لذكرت المسبحات ولاءً، وأُخِّرت (طس) عن القصص"( ).
"وسُئل ربيعة: لم قُدِّمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضعٌ وثمانون سورة بمكة، وإنَّما أنزلتا بالمدينة؟ فقال: قُدِّمتا، وأُلِّف القرآن على علم ممن ألَّفه به، ومن كان معه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مِمَّا يُنْتَهى إليه، ولا يُسْأل عنه"( ).
وقال الكِرْماني( ) : "ترتيب السور هكذا هو عند الله @ في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، وعليه كان ه يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين( ).
وأما ما نقل عن ابن عبَّاسٍ قال: "قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنْ المَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَة وَهِيَ مِنْ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ه مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ؛ فَيَقُولُ: «ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا»، وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ؛ فَيَقُولُ: «ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا»، وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَتْ بِالمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ القرآن، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا؛ فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ هوَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ"( ).
فإنه لا يصح، فإسناده ضعيف، ومتنه منكر، ونقل الزرقاني أجوبة من يردون الحديث بقولهم: " إن حديث ابن عباس ب هذا غير صحيح؛ لأن الترمذي -وهو راويه- قال في تخريجه: إنه حسن غريب، لا يعرف إلا من طريق يزيد الفارسي عن ابن عباس ا، ويزيد هذا مجهول الحال، فلا يصح الاعتماد على حديثه الذي انفرد به في ترتيب القرآن"( ).
أما بالنسبة لاستدلالهم بأن مصاحف الصحابة ي كانت مختلفة في ترتيب السور قبل أن يجمع القرآن في عهد عثمان ا؛ فإني أكتفي بتكرير ما ذكرته سابقاً ففيه الجواب، مع تعقيب يسير عليه؛ فقد كان بعض الصحابة يكتب لنفسه، فإذا كتب شيئاً احتفظ به حتى أصبح لديه مصحف كامل، وربما ترك تدوين بعض السور ليس نكراناً لها وإنما لاستحالة نسيانها وأمن ضياعها، فهو يرددها باستمرار في الصلاة أو غيرها؛ كالفاتحة حيث لا تصح الصلاة إلا بها.
فإذا ما أضفنا لهذا صعوبة الكتابة وندرة وسائلها آنذاك أدركنا سر ترك بعضهم لتدوينها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه المصاحف خاصة تقتصر على اطلاع أصحابها؛ لذا فليس غريباً أن نجدهم يضيفون إليها ما ليس بقرآن؛ كالإدراج والتفسير، مع علمهم بعدم قرآنيتها.
والواقع حكم فصل، فقد دلّ على أن أصحاب هذه المصاحف لم يرفضوا مصحف المسلمين الذي جمعه الصديق ونسخه عثمان ب، فمثلاً ابن مسعودٍ ا الذي أظهروه نداً صعباً للمصحف الإمام؛ فإن قراءته قد رواها الكوفيون عاصم وحمزة والكسائي وغيرهم، وهؤلاء موافقون للمصاحف العثمانية في القراءة.
فإذا ما أضيف لهذا الجواب بأنه: كما حق لهم ترك شيء من السور، وإضافة ما ليس بقرآن لهذه المصاحف؛ جاز -أيضاً- تقديم المتأخر أو تأخبر المتقدم، لأنها مصاحف خاصة بهم، مع علمهم الأكيد بالقرآن من غيره، وبالترتيب التوقيفي للقرآن.
وأحسب أنه لم يغال ولم يغامر من قال: "بل إنني قد أغامر فأقول: إن هذا الترتيب المعجز لسور القرآن يعتبر من قبيل المتشابه الذي يحتاج إلى إعمال الذهن للتوصل إلى العلاقات التي تجمع بين أجزاء القرآن من أوله إلى آخره، والتي قد تبدو غير واضحة أحياناً.
ليس في القرآن خلل البتة ولا عوج ولا اختلاف أبداً، لا في ترتيب السور ولا في ترتيب الآيات"( ).
وأختم هذا الجزء بما قرره صبحي الصالح في معرض توجيهه لكلام الزركشي، قال: "إذن فقول الزركشي: "وترتيب بعضها ليس هو أمراً أوجبه الله، بل أمر راجع إلى اجتهادهم واختيارهم، ولهذا كان لكل مصحف ترتيب"، لا ينبغي أن يسلم على علاته، لأن اجتهاد الصحابة في ترتيب مصاحفهم الخاصة كان اختياراً شخصيّاً لم يحاولوا أن يلزموا به أحداً، ولم يدّعوا أن مخالفته محرمة، إذ لم يكتبوا تلك المصاحف للناس وإنما كتبوها لأنفسهم، حتى إذا اجتمعت الأمة على ترتيب عثمان أخذوا به، وتركوا مصاحفهم الفردية، ولو أنهم كانوا يعتقدون أن الأمر مفوض إلى اجتهادهم، موكول إلى اختيارهم لاستمسكوا بترتيب مصاحفهم، ولم يأخذوا بترتيب عثمان"( ).
وقد أطلت في ذكر أدلة القول بتوقيف ترتيب السور لأن المستشرقين وجدوا في القول بعدم توقيفها فرصة سانحة للنيل من القرآن ومن الإسلام.
وأما نقد نولدكه في رميه المسلمين بالخرافة في قوله: "هذه الرواية نشأت بالأحرى عن الاعتقاد الخرافي"، فسأتناوله -بحول الله @- في المبحث القادم.
وأما ما يرتبط بما وصفه نولدكه بالأسلوب الوعظي للقرآن والوحدة الأدبية للسور؛ فإن المؤلف لم يستطع -تبعاً لعامة زملائه من المستشرقين السابقين- أن يتبين ما في القرآن الكريم من روابط أصيلة تنم عن عاطفة صادقة، وتعبير جميل، وأداء رفيع، قد تعجز الكلمات أن تعبر عن التأثير القرآني وسطوته على القلوب، وذلك لا ينفي أبداً سر ترابط آيات القرآن الكريم وسوره، لكن نتيجة للنظرة السطحية عندهم لم يروا فيه إلا أشتاتاً من الأفكار المتنوعة عولجت بطريقة غير منظمة دخلت إلى القرآن من جهة الصحابة الذين جمعوه ونقلوه.
وقد ردّ الدكتور عبد الله دراز على تفسيرات المستشرقين المختلفة بخصوص هذا الموضوع بأنه من المتفق عليه أن السور كانت بشكلها الحالي منذ حياة الرسول ه، وأن هناك تخطيطاً واضحاً ومحدوداً؛ إذ تتكون كل سورة من ديباجة وموضوع وخاتمة( ).
ويضاف له: ما هو معلوم من حال العرب الأقحاح من أعداء القرآن الكريم وأنصاره، فقد عايشوا نزوله وسمعوا كلامه، وهم أولى بنقده ممن جاؤا بعدهم لو وجدوا فيه مطعن، وأن أيّاً منهم لم يجرؤ على إصدار حكم من هذا النوع، بالرغم من أنهم رموه بعدد من الشبهات، فماذا يعني ذلك؟ هل تذوّق نولدكه اللغة العربية بجميع فروعها حتى بلغ مرتبة فاق فيها أهلها، فامتلأ منها، وبرع في نحوها وشعرها وبلاغتها وبيانها وسائر علومها؟ ثم أتى بما لم تأت به الأوائل؟
أم هو التعصب والتغليط والإسفاف الذي حدا به للقيام بمهمة ما، كما هو راجح وواضح؟
المطلب الثاني: دعوى نولدكه في الحروف المقطعة:
شكك نولدكه في الطبعة الأولى من كتابه «تاريخ القرآن» -بالاشتراك مع شفالي- أن تكون فواتح السور من القرآن، وإنما هي رموز لمجموعات الصحف التي كانت عند الصحابةا قبل أن يوجد المصحف العثماني، يقول:"ولعل هذه الحروف ومجموعات الحروف علامات ملكية، وضعها أصحاب النسخ التي استخدمت في أول جمع قام به زيد، وصارت فيما بعد جزءاً من شكل القرآن النهائي، بسبب الإهمال لا غير.
وليس مستبعداً أن تكون هذه الحروف هي الحروف الأولى من أسماء مالكي النسخ.
في هذه الحال قد تشير (الر) على الزبير، و(المر) إلى المغيرة، و(طه) إلى طلحة أو طلحة بن عبيد الله، و(حم) و(ن) إلى عبد الرحمن، أما في (كهيعص) فقد يعني الحرف الأوسط: (بن)، والحرفان الأخيران: (العاص)..." إلخ( )، فهي إشارة لملكية الصحف وقد تركت في مواضعها سهواً، ثم ألحقها طول الزمن بالقرآن فصارت قرآناً!
فهي فكرة لا ترى في أوائل السور إلا حروفاً أولى أو أخيرة مأخوذة من أسماء بعض الصحابة ي الذين كانت عندهم نُسَخ من سور قرآنية معينة، فهي عنده إشارات لمن كانوا يملكون تلك الصحف.
إن المدقق لهذا الرأي سيفاجأ بأنه ضرب من التخرّص لا يقوم على أساس، ولم يستند إلى أي دليل عقلي أو نقلي! وهدف نولدكه من كلّ هذه التخرّصات والشبه، هو: نفي ربانية القرآن، والطعن في مصدريته، ومع ذلك فلم يفلح في إيجاد أسماء لكل هذه الحروف.
ثم إنّ هذا الرأي لم يرد على لسان أحد من المفسرين، حتى الروايات الضعيفة التي أولع بها المستشرقون لم يرد فيها شيء من هذا؛ لا تصريحاً ولا تلميحاً، فهي بدعة ظهرت لأول مرة في تاريخ الدراسات القرآنية على يدي نولدكه، أراد بها غمز دقة النص القرآني.
لكنه ما فتئ أن رجع عن هذا الرأي في الطبعة التالية، وانتهى من دراسته لها على أنها من وضع الرسول ه، يقول شفالي: "بسبب هذا الاعتبار وسواه تخلى تيودور نولدكه عن آرائه السابقة"( )، ويقول: "توجد في بداية (29) سورة من القرآن الذي في متناول أيدينا حروف مفردة أو مجموعات حروف، يعتبرها التراث أجزاء من النص المنزل"( ).
الرّد:
قبل الجواب على ما تقدم من أفكار، أود الإشارة إلى أن نولدكه حاول التركيز على إلصاق صفة الغموض بالأحرف المقطعة؛ وذلك بتعمد نعتها مباشرة؛ كقوله: "الحروف المبهمة التي تسبق بعض السور"( )، أو "الحروف الغامضة"( )، أو"إشارات كهذه غير مفهومة"( )، أو على سبيل التلميح من خلال الإطالة والتحوير في الكلام -كما سيأتي-.
ولا بد بادئ بدء من التأكيد على أن القرآن الكريم منه ما هو محكَم، ومنه ما هو متشابه،" وأنَّ من المتشابه ما لا يمكن الجزم بأن معناه كيت وكيت، فالقرآن الكريم مثل الكون يحتوي على أشياء قد نراها ونحسها، ولكننا لا نقف على دقيق سرها أو حقيقة أمرها وليس كل ما يجهل ينكر"( ).
وقد يقال: إن له معنى ومغزى ولا شك، ولكننا لا نستطيع الجزم به دون دليل واضح، ومن هنا تكثر أقوال العلماء فيه، وكثرة تفسير الشيء الواحد دليل على عظم شأنه.
وحتى على حدّ قول من ردّ علمها إلى الله -تعالى- ولم يفسرها باعتبارها مما استأثر الله @ بعلمها( )؛ فإنه لم يدّع أن ليس لها معنى، بل غاية قولهم: الله أعلم بمراده، هذا أولاً.
أما ثانياً: فعلى افتراض ذلك -أيضاً- فإن فيها تنبيهاً للسامع ولفتاً لانتباهه، لأن إثارة الانتباه بمداخل جديدة إحدى سمات البيان العالي، وما تثيره هذه الحروف في النفس من معنى عن طريق وقعها الصوتي ليس فيه غرابة، فاليوم يسمون الموسيقى -التي تفقد حتى الأحرف بله الكلمات المفهومة- يسمونها: لغة العالم، ولو حدّثت أحد روادها بأنها أصوات غير مفهومة لاتهمك أنت بالنقص والقصور أو الجهل والتخلف!
على أن القرآن الكريم بما فيه هذه الحروف يعد غاية في التنسيق والتوافق والإيقاع، ولو أتاح المقام لي التعريج على ذلك، لاستعرضت نماذج منها يضيق عنها المكان( )، ولأثبتّ بما لا يدع مجالا للمراء أن المعاني ليست مرتبطة بالفكر فحسب، بل تمتد لتمتزج بالعاطفة.
فالحروف المقطعة -إن افترضنا جدلاً بأنها غير معلومة المعنى عقلاً - فلا شك أنها تحمل معاني معلومة شعوراً ووجداناً وعاطفةً -إذا صح التعبير-، هذا من ناحية.
ومن ناحيةٍ أخرى؛ فإن نولدكه متخصص لوذعي( ) في نقد «الكتاب المقدس»، وإنه ليقدَّرُ له معاناته الطويلة التي عاشها مع كثير من عبارات «الكتاب المقدس» الفجة -التي ستتناول الدراسة طرفاً من جوانب غموضها في المبحث القادم إن شاء الله-، فلما نظر في القرآن، أسقط ما جناه هناك على ما أراده هنا، وهو يعلم شتان ما هما، فأعوذ بالله من عثرات الأقلام بعد الإفهام.. آمين.
لكن اهتمام المفسرين بهذه الحروف من اختيار أوجه، وقبول رأي، ورد آخر، وتفصيل مسائل.. إلخ، يكشف عوار منحا المستشرقين الذين تناولوا هذا الموضوع بمناهج لا تتفق مع العقل والواقع، وهو ما ستبحثه الدراسة فيما يلي.
المفسرون والحروف المقطعة:
هذا الفرع وثيق الصلة بالفرع السابق؛ إذ أن التفسير ينفي أي شكل من أشكال الغموض التي قد تلصق بالحروف المقطعة من مثيري الشبهات.
لقد رأينا عند عرض أفكار نولدكه أنه يدعي أن المسلمين لم يستطيعوا تفسير الحروف المقطعة؛ فيقول: "بذل المسلمون الكثير من الجهد للكشف عن سر هذه الحروف، ويرجع كثير من التفاسير المقدمة إلى ابن عباس وغيره من مشاهير القرن الأول، وحتى إلى كل صحابة النبي الذين يصلحون ليكونوا موضع ثقة"( ).
ويضيف نولدكه -أيضاً-: "لكن أحاديثهم شأنها شأن الروايات التفسيرية في مجملها تتعرض للشك الملحاح بأنها من وضع اللاحقين؛ لتكون تصديقاً لآرائهم الخاصة، ما يدفعنا إلى الاعتماد في نقدها على أسباب مضمونية فقط.
وقد صار من المعتاد مؤخراً تجاهل محاولات التفسير التي قام بها التراث.
هذا لا يبرره شيء، فالعلماء المسيحيون في الغرب طوروا بواسطة الصدفة أو الاستعارة كثيراً من الآراء التي هي نفسها آراء التراث الإسلامي أو تشبهها.
أما التفسيرات الإسلامية التي لا أستطيع أن أقدم منها إلا مجموعة مختارة من الأمثلة الجديرة بالاعتبار"( ).
ويقول شفالي: " يتأسف تيودور نولدكه في الطبعة الأولى من هذا الكتاب لأنه لم يتمكن أحد بعد من التوصل إلى نتائج مضمونة حول معنى هذه الحروف.
ويقول نولدكه -أيضاً- والكلام ما زال لشفالي-: إن هذه الحروف ليست من وضع محمد نفسه، فسيكون من المستغرب أن يضع النبي نفسه في بداية السور التي تخاطب الناس أجمع إشارات كهذه غير مفهومة"( ).
فهذه بعض أقوال العلماء في تفسير هذه الحروف، أذكرها على سبيل الإيجاز:
القول الأول: إن في هذه الفواتح إشارة إلى إعجاز القرآن، فهو مركب من جنس هذه الحروف المقطعة التي عرفها العرب ويتحدثون بها، وصاغوا منها مفرداتهم، وصاغوا من مفرداتهم تراكيبهم.
وأن القرآن لم يغير من أصول اللغة ومادتها شيئاً، ففيها من التحدي لهم ما فيها( ).
القول الثاني: إن هذه الحروف إنما هي أدوات صوتية مثيرة لانتباه السامعين، يقصد بها: تفريغ القلوب من الشواغل الصارفة لها عن السماع من أول وهلة، نقل السيوطي عن الخويبي قال: "القول بأنها تنبيهات جيد؛ لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة، فينبغي أن يرد على سمع متنبه فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي ه في عالم البشر مشغولاً فأمر جبريل بأن يقول عند نزوله: (الم)، و(الر)، و(حم)؛ ليسمع النبي صوت جبريل فيقبل عليه ويصغي إليه.
قال: وإنما لم تستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه كألا وأما؛ لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم، والقرآن كلام لا يشبه الكلام فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد لتكون أبلغ في قرع سمعه. انتهى كلام الخويبي.
ثم قال: وقيل: إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه، فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه، ويكون تعجبهم منه سبباً لاستماعهم، واستماعهم له سببا لاستماع ما بعده فترق القلوب وتلين الأفئدة، وعد هذا جماعة قولاً مستقلاً، والظاهر خلافه، وإنما يصلح هذا مناسبة لبعض الأقوال لا قولاً في معناه؛ إذ ليس فيه بيان معنى.
وقيل: إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي: (أ ب ت ث) فجاء بعضها مقطعاً، وجاء تمامها مؤلفاً؛ ليدل القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفونها، فيكون ذلك تعريفاً لهم، ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله؛ بعد أن علموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها ويبنون كلامهم منها"( ).
القول الثالث: وجد الزمخشرى / في هذه الحروف سرّاً دقيقاً من أسرار الإعجاز القرآني المفحم؛ وخلاصته: أن هذه الفواتح تحتوي على نصف حروف المعجم، وهي: الألف واللام والميم والصاد، والراء والكاف والهاء، والياء والعين والطاء والسين والحاء، والقاف والنون، في تسع وعشرين سورة، كعدة حروف المعجم.
وأن هذه الأربعة عشر مشتملة على أنصاف صفات الحروف، فلها في المهموسة نصفها، وفي المجهورة نصفها، وفي الشديدة نصفها، وفي الرخوة نصفها، وفي المطبقة نصفها، وفي المنفتحة نصفها، وفي المستعلية نصفها، وفي المنخفضة نصفها، وفي حروف القلقلة نصفها.
وهذا ملحظ إعجازي لم يكن ليتوفر لكلام غير كلام الحكيم الخبير.
لذلك فهو يُعقب على هذا السر العجيب بقوله: "فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته!... وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته، فكأن الله -عز اسمه- عدد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم، وإلزام الحُجة إياهم"( ).
ثم أتبع ذلك بتفصيل الحكم والأسرار واللطائف التي تضمنتها هذه الحروف التي بدئت بها بعض سور القرآن( ).
القول الرابع: "أنها أسماء للسور فـ (الم) اسم لهذه، و(حم) اسم لتلك، وذلك أن الأسماء وضعت للتمييز؛ فهكذا هذه الحروف وضعت لتمييز هذه السور من غيرها، ونقله الزمخشرى عن الأكثرين، وأن سيبويه نص عليه فى كتابه.
وقال الإمام فخر الدين: هو قول أكثر المتكلمين، فإن قيل: فقد وجدنا (الم) افتتح بها عدة سور، فأين التمييز؟
قلنا: قد يقع الوفاق بين اسمين لشخصين، ثم يميز بعد ذلك بصفة وقعت، كما يقال: زيد وزيد، ثم يميزان بأن يقال: زيد الفقيه، وزيد النحوي، فكذلك إذا قرأ القارىء: ﭽﭑ ﭒﭓ ﭔﭼ[البقرة: 1-2]، فقد ميزها عن ﭽﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭼ[آل عمران:2]"( ).
ويستدل لهذا بما ثبت عن أبي هريرة ا: "أن رسول الله ه كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: ﭽﭑ ﭒﭼ السجدة، و ﭽﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ[الإنسان: ١]"( ).
القول الخامس: إن العرب قد وقع في كلامهم -نثراً ونظماً- الرمز إلى المعاني بالحروف ومنه:
قـلتُ لها قِفِي فقـالــت قــاف لا تحسبـي أنا نـسينـا الإيـجاف
فقوله: (قاف) أي: وقفت( ).
والعرب الفصحاء سمعوا بعض هذه الحروف فلم ينكروها، ولو وجدوا بها مثلباً لما توانوا عن إبدائه، ولاشتهر عنهم اعتراضهم الشديد على هذه الأحرف، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث بتاتاً.
قال السيوطي: "والذي أقوله: إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولاً متداولاً بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي ه، بل تلا عليهم ﭽﭤﭼ [فصلت: 1]، وﭽﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭼ[ص: ١]، وغيرهما، فلم ينكروا ذلك، بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة؛ مع تَشَوُّفِهم إلى عثرة وغيرها، وحرصهم على زلة؛ فدل على أنه كان أمراً معروفاً بينهم لا إنكار فيه"( ).
سادساً: وهناك أقوال كثيرة حول تفسيرها، منها:
ما رُوِيَ عن ابن عباسا قال: "ﭽﭑ ﭼ[البقرة: 1]، وﭽﭑﭒ ﭼ[ص: ١]، وأشباهها: قسم أقسم الله به".
وما رُوِيَ عن ابن عباس افي قوله: ﭽﭑ ﭼ[البقرة: 1]، قال: "أنا الله أعلم"، وقال: ﭽﭑ ﭼ[مريم: 1]، قال: "كافٍ: هادٍ أمين عزيز صادق"( ).
فهذه الأقوال نموذج واضح من اجتهاد علماء الأمة من لدن العهد الأول إلى يومنا هذا، ولن ينقطع ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي دليل كاف لإبطال ادعاءات نولدكه ونقضها.
نظرية هرشفيلد ولوت في الحروف المقطعة:
ذهب شفالي يوازن بين نولدكه ولوت من جهة، وبين نولدكه وهرشفيلد من جهة أخرى، فـ لوت لا يستغرب"أن يكون محمد نفسه قد اخترع إشارات كهذه؛ وكان معروفاً بعشقه للغريب والغامض"( ).
وللجواب على هذا؛ فإني لا أكرر ما ذكر سابقاً من كون استحالة أن يكون الرسول ه قد تصرف في القرآن بشيء، لكن أضيف هنا ما يخص هذا الموقف: فلو كانت هذه الحروف من وضعهه؛ فلم جعلت على هذا الترتيب؟ ولم وقعت في أوائل هذه السور دون غيرها؟ ولماذا لهذا العدد من السور بالتحديد؟
إن العرب الذين هم أهل الفصاحة والبيان لم يسبق لهم معرفة بهذا الضرب من الكلام، ولم يكن من عادتهم في توثيق أشعارهم وخطبهم.
أما (هيرشفيلد) فيرى أن هذه المقاطع هي الحروف الأولى من أسماء أشخاص ساعدوا زيد بن ثابت ا في جمع القرآن، يقول:" ما زال هـ. هرشفلد يصر على الموقف الذي سبق لنولدكه أن اتخذه، مع إجراء تعديل عليه يتطابق بحسبه كل حرف مفرد من المختصرات واسماً معيناً، وهو يتوصل إلى المطابقات التالية، وهي ظنون وحسب؛ كما يعترف هو -أيضاً- بذلك:
ال = ال التعريف.
م = المغيرة.
ص = حفصة.
ر(ز) = الزبير.
ك = أبو بكر.
هـ = أبو هريرة.
ن = عثمان.
ط = طلحة.
س = سعد (بن أبي وقاص).
ح = حذيفة.
ع = عمر أو علي أو ابن عباس أو عائشة.
ق = القاسم بن ربيعة.
بحسب هذا التفسير يشير الحرف المفرد إلى أن السورة التالية مأخوذة من نسخة صاحبها المشار إليه، وقد وجدت السور التي تبدأ بحروف متعددة في ملكية أشخاص عديدين.
وقد اتبع مبدأ توحيد اختصارات الأسماء التي كانت تتقدم قطعاً ضمن السور الحالية على أن توحد الحروف في بداية السورة.
ولا يمكن الجزم في ما إذا كانت علامات الملكية قد وضعها أصحاب المخطوطات أو محرر النص أو جامعه.
كما لا يمكن تحديد الأسباب التي حدت بزيد إلى الاحتفاظ بها أو إضافتها.
أما بعد سورتي البقرة (2)، وآل عمران (3) عن السور الأربع التي تبدأ برموز سرية مماثلة، وهي: السور (29) حتى (32)، فيتضح بسهولة إذا روعي مبدأ ترتيب السور بحسب طولها.
لكن فرضية علامات الملكية لا يمكن الاحتفاظ بها إلا إذا تخلينا عن إرجاع المختصرات إلى النبي ه، ما يعتبره هرشفلد أمراً مفروغاً منه، معلناً أنه: " بحسب ما نعلمه لم يكن في وسع محمد المساهمة في تركيب السور "، لكنه سبق لي أن بينت ضلالة هذا الرأي أكثر من مرة"( ).
بخصوص قول (هيرشفيلد) أن: "هذه المقاطع هي الحروف الأولى من أسماء أشخاص ساعدوا زيد بن ثابت ا في جمع القرآن"؛ فإنه لم يقدم دليلاً واحداً يؤكد به ما ذهب إليه، ولم يبذل أي مجهود لإثبات ما يقول، فلا نشغل أنفسنا بتفنيد إدعاءات بدون دليل؛ خاصة وأن نولدكه شعر بخطأ فكرته فرجع عنها؟
ولكن ما يقال هنا: أن بديهيات المنطق تضطرنا لطرح سؤال: لماذا لم يظهر هؤلاء الأشخاص ليدّعوا ذلك؟ هل كانوا خجولين من إظهار أنفسهم؟ مع أنها لو كانت لعدّت -آنذاك- إحدى مفاخر الزمان التي لن يتنازلوا عنها بسهولة.
هذا مع العلم بأن أسماء الصحابةا التي اقترحها نولدكه، وتمسك بها هرشفيلد فيما بعد لا تطابق -أبداً- أيَّاً من هذه الحروف المقطعة التي زعموا أنها رموز تدلُّ عليهم، ولم تتحدد بأي من ضوابط المنطق أو العقل مطلقاً، فمرة تتعلق بالحرف الأول من الاسم، ومرة توافق الحرف الأخير منه.. وهكذا.
وما قدموه في ذلك من تبريرات غير معقولة البتة؛ فضلاً عن أن هذه الحروف بهيئاتها لا تتطابق مع الأسماء التي اقترحها المستشرقون، فالزبير لا يرمز له بـ ﭽﭑﭼ [البقرة: 1]؛ لذلك استعمل ويلش حرف (Z) بدلاً من حرف (R)؛ الذي وضعه نولدكه وهيرشفليد في دعواهم أن ﭽﭑ ﭼ[البقرة: 1] رمز للزبير.
كما أن الأسماء التي اقترحها المستشرقون، لم تكن معروفة بحيازة مصاحف، في الوقت الذي أهمل فيه هؤلاء المستشرقون ذكر أشهر الصحابةا الذين عُنوا بحفظ القرآن وجمعه وتدوينه كابن مسعود، وعلي بن أبي طالب وأبيّ بن كعب وغيرهم( ).
والغريب أن المستشرقين (بُهُل وهرشفيلد) قد تحمَّسا لها من جديد وتبَنَّيَاها مُتغافليْن عن مدى بُعدها عن المنطق السليم، مع تخلي مبدعها الأول عنها وشعوره بخطئها( ).
فهذا كله يبين ضعف ما ابتدعه نولدكه واضطرابه، ومع ذلك قد وَجَدَتْ بدعته إقبالاً منقطع النظير من قبل دوائر الاستشراق، وظلت هي السائدة في الكتابات الغربية وقتاً طويلاً.
وأختم بما سجله صبحي الصالح حول عدم صحة هذه النظرية وصلاحيتها بقوله: "وحسبنا أن المستشرق بلاشير يظهر تفاوت هذه النظرية بما لا يدع مجالاً لتقبلها واحترامها، فهو يستبعد مع لوث ومع بوير أن يدخل المؤمنون الذين ذكرت أسماؤهم آنفاً -وهم من هم ورعاً وتقى- عناصر غير قرآنية في الكتاب المنزل الذي لا يزيد عليه ما ليس منه إلا ضعيف الإيمان قليل اليقين"( ).

د. محمد السواعده. أستاذ مساعد . جامعة الطائف .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sawadeh.rigala.net
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 20/03/2012
العمر : 29

سلسلة الرد على المستشرقين  دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة  إعداد د. محمد السواعده Empty
مُساهمةموضوع: موضوع مهم   سلسلة الرد على المستشرقين  دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة  إعداد د. محمد السواعده Emptyالثلاثاء فبراير 05, 2013 9:59 pm

موضوع مهم أثاره الدكتور محمد السواعده مشكورا في الرد على شبهات المستشرقين حول قضية مهمة تتعلق باقدس كتاب على وجه الأرض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sawadeh.rigala.net
 
سلسلة الرد على المستشرقين دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة إعداد د. محمد السواعده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من شبهات نولدكه في كتابه (تاريخ القرآن) حول جمع القرآن... هل كان عبد الله بن أبي السرح من كتبة الوحي؟؟ د. محمد السواعده
» المبحث الرابع والخاتمة والنتائج والتوصيات والمراجع والفهرس من بحث القرآن الكريم والإفادة من تجارب الآخرين "رؤية تربوية" د. محمد السواعده
» السنة النبوية وتجارب الاخرين د. محمد السواعده
» الإفادة من تجارب الآخرين 3 : (عادات أقرها الإسلام) د. محمد السواعده
» من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم د. محمد السواعده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات السواعدة jo :: مــنــتــديــات آل ســواعــده :: مــنــتــدى القبيلة :: الـــــــســـــــــاحة الرئيـــــــســـــــية-
انتقل الى: