منتديات السواعدة jo
اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نتمنى ان تكون في كامل الصحة والعافية
منتديات السواعدة jo
اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نتمنى ان تكون في كامل الصحة والعافية
منتديات السواعدة jo
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات السواعدة jo

اهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات السواعدة ،،، نرجو ان تتمتع في منتدانا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم د. محمد السواعده

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 20/03/2012
العمر : 29

من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم  د. محمد السواعده Empty
مُساهمةموضوع: من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم د. محمد السواعده   من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم  د. محمد السواعده Emptyالثلاثاء فبراير 05, 2013 9:32 pm

ا من مظاهر تميز النبي وإبداعه.
المطلب الأول: انفتاح النبي على بيئته
أراد الله لنبيه  مكانة عليا، ومهمة عظمى، يخرج بها الناس من الظلمات إلى النور، ويحيي بها ما اندثر من مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات، فهيأ له أسباب التميز والإبداع، ومنحه زيادة فطنة وذكاء، ومن مظاهر ذلك ما يأتي:
الفرع الأول: مخالطة أهل الخبرة
لم ينعزل النبي  في كوكب منفرد عن بيئة قومه وعشيرته، بل سافر وتجول صغيراً مع عمه وسمع ممن هو أكبر منه من أشياخ قريش ومن حولهم من القبائل، حيث اطلع على تجارب الآخرين وخبرتهم، وتمكن من الاستفادة من آرائهم، فهم أصحاب خبرة ودراية وتجربة لم يمر بها النبي في سنه تلك.
ولأمر ما قدر الله له أن يترعرع في بادية بني سعد، حيث أكسبه ذلك تنوعا في معرفة لهجات العرب وزيادة في الفصاحة والبلاغة، لذلك لما كان يأتي إليه وفد من أي قبيلة كان يكلم الوفد بلهجته.
وهذه الخبرات ساهمت في بناء شخصيته ، فلما أكرمه  بالرسالة فيما بعد ساعده ذلك في معرفة حقيقة ما يفكر به الأعراب والمشركون واليهود والمنافقون وسائر القوى التي تحيط بالمسلمين، ومعرفة طبيعة تركيبتهم السياسية والاجتماعية وواقعهم الثقافي والاقتصادي، ثم معرفة أساليبهم وطموحاتهم وطريقتهم في الحياة، وبالتالي معالجة مواقفهم والوصول إلى قناعاتهم وقلوبهم.
ومن ثمَ فقد أفاد  وصحابته من قوانين وعادات المجتمع المشرك، ومن ذلك دخول عدد منهم في جوار وحماية بعض كبراء قريش المشركين ففي السيرة: لما انصرف عن أهل الطائف ولم يجيبوه الى ما دعاهم إليه من تصديقه ونصرته صار إلى حراء ثم بعث إلى المطعم بن عدي فأجابه الى ذلك ثم تسلح المطعم وأهل بيته وخرجوا حتى أتوا المسجد ثم بعث الى رسول الله  أن أدخل فدخل رسول الله  فطاف بالبيت وصلى عنده ثم انصرف الى منزله( )
إذ يعدُ هذا الجانب من مهمات العرب وثوابتهم.
وقد أثبتت له التجربة الحسية في أكثر من موضع معرفة دقيقة بما ينطوون عليه من غدر وخيانة، وما يحملونه من روح أنانية وتآمرية حاقدة وشريرة وغير ذلك من أوضاع وحالات.

الفرع الثاني: شورى النبي  للناس
1- استشارة أهل العلم والخبرة
الشورى باب عظيم من أبواب مشاركة الناس في عقولهم والاستعانة بخبراتهم، قال ابن عطية: (الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام)( )، وقد أفاد منها  أيما إفادة، فبالإضافة إلى أفادته  من الكفار فقد فجر طاقات أنصاره وأتباعه ومحبيه من الصحابة والمقربين وأفاد منهم، فسمح لخديجة رضي الله عنها بسؤال ورقة بن نوفل والاطمئنان إلى كلامه، واللجوء إلى خديجة أيضا في مواجهة ما يرعبه في أول الدعوة، والجنوح إلى رأي الحباب في بدر ، ورأي السعدين رضي الله عنهما في ثمار المدينة، ومشاورته الناس في بدر وفي شتى مناحي حياته كما سنرى بعد قليل.
ولسنا هنا بصدد الكلام حول أهمية الشورى ووجوبها ومواظبة النبي  على فعلها فهذا أمر مستفيض ومفروغ منه في سنته  في كل ما لم يكن قطعي الدلالة والثبوت من صريح القرآن أو صحيح السنة، فعن أبي هريرة : (ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ) .
إنما ما يشار إليه في هذا المقام محاولة الاطلاع على قطعة خالدة من توجيهاته وممارساته  فيما يتصل بكيفية توظيف هذا الباب والإفادة منه على أكمل وجه.
2- نماذج من مشاورته  لأصحابه:
- في غزوة بدر حيث خص الصحابة بالعديد من مواقف المشورة، ومن براعته هنا أنه حرص على استنطاق الأنصار قبل الدخول في المعركة، لأن هذا الحدث خارج حدود المدينة ولم يكن داخلاً في بنود بيعتهم، فقالوا : (يا رسول الله لو استعرضت بنا البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، ولا نقول لك كما قال قوم موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ولكن نقول اذهب فنحن معك وبين يديك، وعن يمينك وشمالك مقاتلون) .
ولما أشار الحباب بن المنذر في اختيار مقر الجيش أخذ برأيه.
وشاور الصحابة  في أمر الأسرى وأخذ برأي أبي بكر .
- وفي غزوة أحد نزل عند رأي الأكثرية في الخروج من المدينة، بالرغم من ميله  للبقاء فيها، ولما كلموه في البقاء قال: (لا ينبغي لنبي يلبس لامته فيضعها حتى يحكم الله)( ).
- ويوم الخندق تراجع  عن رأيه في مصالحة الأحزاب على ثلث ثمار المدينة، لرأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة ، وكان الأنصار  أولى بتوجيه المشورة هنا لأن النخيل يخصهم.
- وفي خبر الحديبية: أمر  أصحابه بالحلق فما قام منهم أحد، عندئذ دخل على أم سلمة ا فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك؟ فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا( )
3- من مظاهر تميز السنة النبوية في الشورى:
كل ما تقدم على سبيل المثال لا الحصر، وإلا فسنة الرسول ثرية بنماذج كثيرة غيرها، وجميعها تبدو عليها ملامح العبقرية النبوية والتميز الإنساني في التفكير والعمل معا، فقد استطاع  بألمعيته وفطنته الإفادة من علم أهل الخبرة باستخدام أسلوب التشاور الذي أدى إلى اكتشاف قدرات الناس وتمييز الناصح من غيره. لأنه يصعب الإفادة من أصحاب المواهب والقدرات إلا عن طريق احترام عقولهم وتأليف قلوبهم وتقريبهم وشحذ هممهم، وكل هذا يتحقق بتطبيق مبدأ الشورى الذي اتبعه ، علما بأنه مؤيد من ربه فغيره أشد حاجة له، قال ابن تيمية: (لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإنّ الله تعالى أمر بها نبيه  فقال ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰﭼ آل عمران: ١٥٩ ( )
المطلب الثاني: الاعتماد على الكفار في مهمات خطيرة
الفرع الأول: الإفادة منهم في الهجرة
وقائع الهجرة الشريفة والتدابير التي اتخذها الرسول فيها شواهد ناصعة تحكي عبقريته وحكمته وتميزه، حيث استطاع  تجييش كل الإمكانات المتاحة لإنجاح هذه الخطة وتنفيذها على أحسن وجه، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه في حسن التخطيط والتدبير، وإتقان العمل واتخاذ أفضل الأسباب مع الاعتماد على الله مسبب الأسباب أولاً وآخراً،
فكم من مهارة إنسية اشتركت في انجاز عمل الهجرة! الرسول  وأبو بكر وعلي وأسماء وعبدالله بن أبي بكر، وعامر، وعبدالله بن أريقط وسراقة، عدا عن اختيار الموقع والطريق والغار وسائر ركائز التخطيط المهمة .
عَنْ عَائِشَةَ ا: " وَاسْتَأْجَرَ  وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ... وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ، فَارْتَحَلاَ وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ "( )
ونلاحظ -هنا- أن الرسول  وأبا بكر  قد أفادا من خبرة عبدالله بن أريقط الليثي بالطريق عند هجرتهما من مكة إلى المدينة، رغم بقائه على الشرك آنذاك.
الفرع الثاني: استئمانهم واستنصاحهم:
رأينا قبل قليل كيف أنه  أفاد من الغير ومنهم مشركون، في موقف عظيم من مواقف السيرة النبوية، وهو الهجرة الشريفة، وأعداؤه يترصدون به ويفتشون عنه، ومع ذلك فقد استأمن رجلاً من المشركين واطمأن له وأنس بخبره وخبرته وسار معه في طريق الهجرة متخفياً عن أعين المشركين الذين رصدوا الجوائز الباهظة لمن يأتي بخبره .
كما انه  استأمن قبيلة من المشركين وجعلهم موضع النصح له والأمانة على سره، وهي قبيلة خزاعة، فقد أفاد  من وجودهم في مكة واطلاعهم على أسرار قريش ونواياهم.
ومعبد بن أبي معبد الخزاعي هو الذي خذل قريشاً وخوفهم المسلمين في حمراء الأسد، ومعبد يومئذ مشرك، وكانت خزاعة كلهم مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله  بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها.( )
الفرع الثالث: الإفادة منهم في النصرة
عاش النبي عظيماً مأموناً محبوباً قريباً، لم يقطع وشائج قرابته ورحمه، حتى ولو كانوا على غير دينه، فإصرار عمه أبي طالب على الشرك، والتزامه بملة الأعداء؛ لم يمنعه  من الإفادة من مكانته وجاهه والاستئثار بحمايته والذود عنه، فقد استأمنه وأخذ برأيه ومشورته وقَبِل مساندته ومناصرته، واطمأن إليه وشكا له، لذا كانت وفاة عمه أبي طالب عام حزنٍ له ، وشعورٍ منه بفقد حامٍ ذي شكيمة، ومساندٍ له بالجاه والرأي والقوة.
ولم يعدم  رجلاً من أقاربه الأدنون؛ حتى ولو لم يزل مشركا؛ يفاوض أهل البيعة ويشترط لابن أخيه، فهذا العباس يستوثق من الأنصار ويأخذ عليهم العهود والمواثيق، جاء في السيرة: (فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله  حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج؛ قال وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج؛ خزرجها وأوسها، إن محمدا منا حيث قد علمتم..الخ)( )، وهذا بعض من شمائله ؛ إذ له الجلال والمقام المحمود.
المطلب الثالث: المعرفة العميقة سبيل للإفادة من الآخرين.
أولاً:الحرب خدعة
في غزوة الأحزاب ساقت الأقدار نعيم بن مسعود الأشجعي وكان صديقا لقريش ولليهود لأن يسلم في أصعب الظروف، فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، ولم يعلم قومي بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال له رسول الله : (إنما أنت رجل واحد من غطفان، فلو خرجت فخذلت عنا كان أحب إلينا من بقائك، فاخرج فإن الحرب خدعة فخرج نعيم بْن مسعود حتى أتى الأحزاب وخذل بينهم).( )
وهنا أيضا تواردت الحكمة النبوية والبراعة المحمدية، فطرة وبداهة، لأن يتنبه لأمر دقيق وهو الإفادة من أقصى طاقات هذا الرجل، وما يمكن أن يقوم به وحده، فأرشده لمهمة رائعة من رجل واحد، ولا غرو؛ فهو  قائد لوذعي، ونبي متفوق أمين.
ثانياً: نعت أخبار الأمم السابقة
منَ الله على رسوله فأطلعه على كثير من خبرات الأمم السابقة، فأفاد منها بحكمته، وهضمها بفطنته، ووظفها فيما ينفع الناس ويسعدهم، وورد من ذلك الكثير، اقتصر منه على ما يلي:
- قال : (انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم..) الخ الحديث( ).
- وثبت عنه  أنه قال: (إنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ، رَغَسَهُ اللهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمّا حُضِرَ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَالَ: فَإنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْراً قطُّ، فإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللهُ عَزّوَجَلّ فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ).( ).
- وعن الزبيري عن الْحَسَنَ، يَقُولُ: (إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قُرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا، فَلَمْ يَرْقَأِ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَبُّكُمْ: «قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)( ).
- وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَكَانَ مُوسِرًا، فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ»، قَالَ: " قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، تَجَاوَزُوا عَنْهُ "( )
فهذه نماذج من نقله الوفير عن السابقين، وفيها من الدروس التربوية، والمغازي الجليلة التي جاءت على سبيل والعظة والاعتبار، بالإضافة إلى تميزه من حيث أسلوبه في توظيفها والإفادة منها، فيختار الوقت المناسب، والمكان المناسب، والجمهور المناسب لكل حديث.
ثالثاً: توظيف المواهب واكتشاف خبرات الآخرين
فعلُ الرسول  منضبط بسنن الله ونواميسه في الكون، فاستغل ساحة الدعوة ليخرج منها ثماراً يانعة في فترة وجيزة وبفاعلية وقدرة ليس لهما نظير في حياة البشر، وكان  دائب الإفادة من خبرات الآخرين، سواء كان ذلك في المعاني أو في الماديات.
وفي خبرة الرسول  بالناس عامة ودرايته بأصحاب المواهب والقدرات الفاعلة والمؤثرة وندرتهم بين الناس قال : (تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً)( ).
لذا فقد اكتشف هذه المواهب والقدرات بين أصحابه واستثمرها في عملية بناء المجتمع وبنائه، ووضع
كل واحد منهم في المجال الذي يناسب تفوقه وتميزه، قال  (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)( )
ولمعرفته  بالشعوب وما يصلح لهم من الرجال؛ فقد أرسل لأهل اليمن أعلم الصحابة كمعلم لهم وهو معاذ بن جبل، وأرسل إلى نجران علي بن أبي طالب، وأرسل إلى الغرب منها أبا موسى الأشعري، وأوفد قبل ذلك مصعب بن عمير سفيراً إلى المدينة المنورة؛ ففتحها بالدعوة والتعليم.
وفي السياق ذاته فقد اختار بلالاً للآذان لأنه أندى الصحابة صوتاً، واختار ثابت بن قيس ابن شماس خطيباً لأنه جهوري الصوت بليغ العبارة، واختار أصحاب البداهة والفصاحة والوسامة لكي يكونوا رسله إلى الملوك والأمراء؛ كدحية الكلبي، وعبدالله بن حذافة السهمي، وعمرو بن العاص، وعمرو بن أمية الضمري، وحاطب بن أبي بلتعة، واختار لقيادة الكتائب والجيوش خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وأسامة بن زيد، لأنهم كانوا أكثر الصحابة قدرة على القتال، وأملكهم لفنونه وهكذا.
ومن نباهته : معرفة خير الرجال لنسائهم واحتفاظه لأهله بما هو خير عندهم وتركه ما يشين منهم، حيث أفاد من كل ذلك فأخذ بالأحسن من أخلاقهم، وترك ما به بأس.
قَالَتْ عَائِشَةُ ا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ) . وزاد النسائي في رواية له والطبراني قالت عائشة ا (يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع لأم زرع) ( ).
يلاحظ كما أسلفت أن إفادة النبي  من خبرته السابقة تتصل بجهتين:
- معرفته العميقة بأصحابه وأحوالهم وميولهم وتخصصاتهم، وحتى فيما يخص سيرتهم الشخصية مع أهلهم وأزواجهم.
- معرفته بالأقوام الذين سيرسل إليهم هؤلاء الرسل، وإلا لما استطاع أن يوافق صلاحهم وخيرهم حتى وإن عرف أحوال أصحابه ومناقبهم.
ويعدُ هذا المنحى الذَي اصطبغ به منهجه  غاية في الروعة والجمال، لأنه راعى فيه أحوال الرجال المرسلين وأحوال الشعوب المستهدفة من الإرسال في آن واحد.
ومثال ذلك أنه  استفاد من معرفته بالنجاشي ملك الحبشة بأنه عادل لا يظلم فأرشد المستضعفين من الصحابة للجوء إلى بلاده عندما أشتد الإيذاء لهم، قالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا رَأَى رَسُولُ اللّهِ  مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبَلَاءِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنْ اللّهِ وَمِنْ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ قَالَ لَهُمْ لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ حَتّى يَجْعَلَ اللّهُ لَكُمْ فَرَجًا.( )
فأخبرهم بصفات حاكم تلك البلاد ودولته، وهذه دقائق تحتاج لمعرفة واسعة وثقافة متعمقة، ووعي سياسي فذ.
ولما طلب منه أبو ذر  وظيفة لا تناسب ملكاته وقدراته، لم يستجب لطلبه بل نصحه بالابتعاد عنها وقال: (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)( ) وهذا يعود لمعرفته  بالفروق الفردية التي تميز كل فرد عن الآخر، وهو جانب من تميزه  وخبرته.
وفي هذا الإطار فقد استدل الرسول  بفطنته وبراعته على اختيار من كان انسب لتعلم اللغة السريانية، فاختار لهذا الشأن زيد بن ثابت.
رابعاً: تمثله لأقوال غيره
لقد أطلع الله نبيه  على الخبرات التي مرت بالسابقين، فكان مطلعا بارعا وقام بتوظيفها في تربية أمته وبناء نسيجها لتكون أمثلة شاهدة لأمته؛ تجتنب سيئها وتتبع أحسنها.
لذالم يأل رسول الله جهداً في هضم أقوال السابقين وفهمها وردها لأصحابها وتمثلها في المناسبات والاستشهاد بها في مقامها والإفادة منها، سواء ذكرت في القرآن الكريم أم في غيره، وهي كثيرة؛ أذكر منها: تمثله  لقول عيسى في القرآن، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ا قَالَ: (خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا»، ثُمَّ قَالَ: ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ الأنبياء: ١٠٤ ثُمَّ قَالَ: " أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﭼ المائدة: ١١٧ فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ )( ).
وجه الشاهد فيه: أنه استحضر في الوقت المناسب قول أخيه عيسى  من القرآن الكريم، وهو ضرب من تميزه وقوة قريحته.
ومنها: نقده  للشعر؛ فقال: (إن من الشعر لحكمة)( ) ونقد الشعراء؛ فقال للنابغة الجعدي إعجابا بشعره: (لا يفضض الله فاك)( )
عَنْ عَائِشَةَ ا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  قَالَ: (اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي» فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ، يَقُولُ لِحَسَّانَ: إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ  يَقُولُ: هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى)( )
عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ماخلا الله باطل)( ).
وعَنْ عَائِشَةَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ  إِذَا اسْتَرَاثَ الْخَبَرَ تَمَثَّلَ بِقَافِيَةِ طَرَفَةَ: وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ)( ).
وكان  يعجبه كلام بعض المشركين ويعجب به، وكثيرًا ما كان يستنشد شعر أمية بن أبي الصلت ويستزيد حتى أنشد مرة مائة قافية، فعن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: (ردفت النبى  فقال: هل معك من شعر أمية شيء؟ قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتاً، فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت، فقال: إن كاد ليسلم) .
يتبين من كل ذلك طرفاً من تميزه وعبقريته ، وأن لديه قريحة فياضة، وقوة حافظة، ونظرة ناقدة لما يقوله الآخرون، لا تكاد تسلم زمامها لأحد مثل ما كانت له .

د. محمد السواعده استاذ مساعد / جامعة الطائف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sawadeh.rigala.net
 
من مظاهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم د. محمد السواعده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من شبهات نولدكه في كتابه (تاريخ القرآن) حول جمع القرآن... هل كان عبد الله بن أبي السرح من كتبة الوحي؟؟ د. محمد السواعده
» السنة النبوية وتجارب الاخرين د. محمد السواعده
» الإفادة من تجارب الآخرين 3 : (عادات أقرها الإسلام) د. محمد السواعده
» سلسلة الرد على المستشرقين دعوى نولدكه في ترتيب القرآن والأحرف المقطعة إعداد د. محمد السواعده
» المبحث الرابع والخاتمة والنتائج والتوصيات والمراجع والفهرس من بحث القرآن الكريم والإفادة من تجارب الآخرين "رؤية تربوية" د. محمد السواعده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات السواعدة jo :: مــنــتــديــات آل ســواعــده :: مــنــتــدى القبيلة :: الـــــــســـــــــاحة الرئيـــــــســـــــية-
انتقل الى: